اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
181484 مشاهدة print word pdf
line-top
الأسورة النحاسية

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ ... سلمه الله وتولاه
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم وصلكم الله برضاه، وأشرفت على الأوراق المرفقة المتضمنة بيان خصائص الأسورة النحاسية التي حدثت أخيرًا لمكافحة الروماتيزم وأفيدكم أني درست موضوعها كثيرًا، وعرضت ذلك على جماعة كثيرة من أساتذة الجامعة ومدرسيها، وتبادلنا جميعًا وجهات النظر في حكمها، فاختلف الرأي، فمنهم من رأى جوازها لما اشتملت عليه من الخصائص المضادة لمرض الروماتيزم، ومنهم من رأى تركها؛ لأن تعليقها يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من اعتيادهم تعليق الودع والتمائم والحلقات من الصفر، وغير ذلك من التعليقات التي يتعاطونها، ويعتقدون أنها علاج لكثير من الأمراض، وأنها من أسباب سلامة المعلق عليه من العين.
ومن ذلك ما ورد عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال: ما هذا? قال: من الواهنة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا وفي حديث آخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه في بعض أسفاره أرسل رسولا يتفقد إبل الركب ويقطع كل ما علق عليها من قلائد الأوتار التي كان يظن أهل الجاهلية أنها تنفع إبلهم وتصونها، فهذه الأحاديث وأشباهها يؤخذ منها أنه لا ينبغي أن يعلق شيئًا من التمائم أو الودع أو الحلقات، أو الأوتار أو أشباه ذلك من الحروز كالعظام والخرز ونحو ذلك لدفع البلاء أو رفعه.
والذي أرى في هذه المسألة هو ترك الأسورة المذكورة وعدم استعمالها؛ سدًّا لذريعة الشرك، وحسمًا لمادة الفتنة بها والميل إليها وتعلق النفوس بها، ورغبة في توجيه المسلم بقلبه إلى الله -سبحانه- ثقة به، واعتمادًا عليه واكتفاء بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلا شك، وفيما أباح الله ويسر لعباده غنية عما حرم عليهم، وعما اشتبه أمره، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه وقال -صلى الله عليه وسلم- دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يشبه ما تفعله الجاهلية في سابق الزمان، فهو إما من الأمور المحرمة الشركية، أو من وسائلها، وأقل ما يقال فيه إنه من المشتبهات؛ فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفع بنفسه عن ذلك، وأن يكتفي بالعلاج الواضح الإباحة، البعيد عن الشبهة، هذا ما ظهر لي ولجماعة من المشايخ والمدرسين، وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يمن علينا جميعًا بالفقه في دينه والسلامة مما يخالف شرعه، إنه على كل شيء قدير، والله يحفظكم والسلام .

line-bottom